الأجيال التي ستتلقى شعلة الإسلام من أيدي العرب، لتنير أرجاء العالم عبر القرون، فقال تعالى:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}. قال مجاهد:" هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب ". وأشار ابن كثير إلى الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي في شأن نزول سورة " الجمعة " على رسول الله، وفيها هذه الآية، ودليل على عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم يدعوهم إلى الله عز وجل، وإلى إتباع ما جاء به ".
وعقّب كتاب الله على هذا الموضوع كله بقوله تعالى:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، فهو سبحانه ذو " العزة " التي لا تضام، و " الحكمة " التي لا ترام، وهو المتفضل على خلقه، يمنح فضله لمن يشاء، فنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من فضل الله عليه، واختيار المسلمين الأولين لحمل الرسالة وتبليغها إلى غيرهم من الأمم، من فضل الله عليهم، وتقدير الله في أزله هداية الأجيال القادمة من مختلف الشعوب، ودخولها في الدين الحنيف، من فضل الله عليها، {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
وضرب كتاب الله المثل للمسلمين بما وقع لبني إسرائيل، حيث أنزل الله التوراة على نبيهم موسى عليه السلام، وبدلا من أن يحافظوا عليها، ويعملوا بمقتضاها، ويتفادوا تحريفها، ضيعوا