وقوله تعالى:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، يقتضي وجوب احترام المسلمين لشرائع الله كما شرعها، وعدم انتهاككم لحرماته كما يقتضي تحذيرهم من الخروج عنها، وترك الائتمار بها، لأن في الخروج عنها وعدم احترامها إضرارا من الإنسان بنفسه قبل غيره، فمن أهمل جزءا من الشرائع ولو قل، احتاج إليه ولم يجده، وصدق عليه المثل العربي:" على نفسها جنت براقش ".
وقوله تعالى:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، إشارة إلى الحكمة التي توخاها الشارع في إبقاء المرأة المطلقة خلال مدة العدة ساكنة في منزل الزوجية، وحيث " أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق "، كما قال صلى الله عليه وسلم فقد شرع الله العدة عقب وقوع الطلاق، وألزم الزوج بإبقاء زوجته المطلقة في بيتها خلال مدة العدة، عسى أن يندم الزوج على طلاق زوجته، ويلقي الله في روعه الرغبة في ارتجاعها، فيكون أمر ارتجاعها أيسر وأسهل، وهذا هو المراد بقوله تعالى:{أَمْرًا} في الآية، وهو دليل واضح على كراهة الإسلام للطلاق وعدم تشجيعه عليه، وتهيئته الجو الصالح للندم، والعودة إلى الحياة الزوجية العادية، روي عن فاطمة بنت قيس في تفسير قوله تعالى:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، قالت:" هي الرجعة "، وكذا قال قتادة وعطاء والثوري والشعبي ومن وافقهم.
وقوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، يقتضي أنه إذا " قاربت " المرأة المطلقة وقت