وانتقلت الآيات الكريمة إلى الحديث عن الاستقامة وما يترتب عليها من الآثار الطيبة في الدنيا والآخرة:{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}، وإلى الحديث عن حرمة المساجد وقداستها ورسالتها في الإسلام:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وإلى الحديث عما يتحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين وتكتلهم ضد الدين الحنيف:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}.
واتجه الخطاب الإلهي إلى خاتم النبيين والمرسلين، ملقنا إياه ما يرد به هجمات المشركين، وما يبطل ادّعاءاتهم، ويوقف اعتداءاتهم، مشيرا إلى ما يحرس به رسوله من الحفظة الكرام، حتى يبلغ رسالة ربه في حفظ الله ورعايته:{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}.
ومن هنا ننتقل إلى سورة " المزمل " المكية، وفي مطلعها أمر من الله ورسوله عليه السلام بالقيام والخروج من دفء البيت إلى أكبر معترك في الحياة، ألا وهو أداء الرسالة، التي أعدته لها الأقدار الإلهية، إلى الناس كافة، وذلك قوله تعالى:{بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}.