وروي عن عائشة أنها قالت:" إن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة - تقصد سورة المزمل- فقام رسول الله وأصحابه حولا، حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا، من بعد ما كان فريضة، وإلى هذا " التخفيف " وجعل قيام الليل تطوعا بعد أن كان فرضا يشير قوله تعالى في هذا الربع الذي هو موضوع حديث اليوم: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}، قال ابن كثير: " وقد قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد من السلف إن هذه الآية نسخت ما كان الله قد أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل ".
ورغما عن إسقاط فريضة " التهجد " فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي يتهجد بالخصوص طوال عهد الرسالة، إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، ولم يقل قيامه عن ثلث الليل، وكان صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة، فلما تقدم به السن أخذ يوتر بسبع ركعات، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، كما روي عن عائشة رضي الله عنها، وذلك امتثالا لقوله تعالى خطابا لرسوله:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}. قالت عائشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها "، وسئلت أم سلمة عن قراءة رسول الله، فقالت: " كان