وقوله تعالى:{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}، أمر للرسول عليه السلام بالتأهب والاستعداد لتحمل تكاليف الرسالة وأعباءها، وعدم التأثر بما يقف في طريقها من العقبات والعراقيل، وأنواع الأذى على غرار قوله تعالى في سورة " المزمل " السابقة: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}، وكما أن " الصبر الجميل " هو الذي لا شكوى معه " فالهجر الجميل " هو الذي لا عتاب معه.
وقوله تعالى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}، توعّد من الله جل جلاله لمن أنعم عليه ربه بأجل النعم، فكفر بأنعم الله، وقابلها بالجحود والعصيان، ولم يعترف لربه بأي شكر أو امتنان، على غرار قوله تعالى في سورة " المزمل " السابقة: (١٠ - ١٢){وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا * إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا}.
وقوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}، أي: ما جعلنا خزنة جهنم، المكلفين بها، إلا من الملائكة، وقد وصف الحق سبحانه في آية أخرى خزنة جهنم بأنهم " غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " فالمراد " بأصحاب النار " في هذه الآية بالخصوص خزنة جهنم، لا نفس المعذبين فيها، بينما المراد " بأصحاب النار " في غيرها من الآيات أهل النار أنفسهم، المعذبون فيها على الدوام.