سابقا من قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} وقوله تعالى: {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} وقوله تعالى في آخر هذه السورة - سورة النساء - بعد اختتام الحديث في موضوع الإرث {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فالوصية في هذا الموضوع الخطير آتية من الله مباشرة، وهذه الوصية إنما هي بيان من الله حتى لا يضل المسلمون، والتعقيب بقوله تعالى في هذا السياق {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} وبقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} كأنما هو رد على أولئك المتحذلقين الذين يتحدثون في هذا الموضوع حديثا كله هراء وادعاء للعلم بما لم يعلمه الله، وتطاول على حكمته، ومحاولة لنقض حكمه، وذلك حتى لا يتعالموا على الله، ولا يستمروا في ادعائهم الكاذب وجهلهم الفاضح.
وقوله تعالى:{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} الوارد على وجه الاعتراض بين الآيات المحددة لأنصبة الوارثين والوارثات معناه كما نص عليه (ابن العربي) المعافري " أنه تفاديا لحيف أحدهم وظلمه، بتفضيله ابنا على بنت، أو أبا على أم، أو ولدا على ولد، أو أحدا من هؤلاء أو غيرهم على أحد آخر، تولى الله سبحانه قسم التركة بعلمه، وأنفذ فيها حكمته بحكمه، وكشف لكل ذي حق حقه، وعبر لكم ربكم عن ولاية ما جهلتم، وتولى لكم بيان ما فيه نفعكم ومصلحتكم ".
ومما يستلفت النظر في هذا الموضوع قوله تعالى خلال آيات الميراث {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} بمعنى " الارضاخ " للقرابة