وقال صلى الله عليه وسلم:(يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)، وقال عليه الصلاة والسلام:(لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها) وكلاهما من أحاديث الصحاح. ولتوضيح ما يدور عليه الحكم في الرضاع قال القاضي أبو بكر (ابن العربي): " إن كل شخصين التقما ثديا واحدا في زمان واحد أو في زمانين فهما أخوان، والأصول منهما والفروع بمنزلة أصول الأنساب وفروعها في التحريم ".
ولا شك أن لله حكما كبرى في تحريم زواج الرجال من النساء اللاتي تتناولهن هذه الآيات الكريمة، من ذلك أن الزواج بين الأقارب يضعف ذريتهم كلما امتد الزمن، بينما تلقيح العائلة بدم جديد يجدد حيويتها، ويقوي استعداداتها، وهذا المعنى وارد في الحديث النبوي الشريف.
ومن ذلك أن الزواج بمن يجب توقيرهن واحترامهن كالأم والعمة والخالة، أو من تجب رعايتهن والعطف عليهن، كالبنت والأخت، وبنات الأخ والأخت، قد يؤدي إلى معاملتهن معاملة غير مرضية، عندما تطرأ بعض الهزات والخلافات على الحياة الزوجية، وينشأ عن ذلك شقاق في العائلة لا يمحى طول العمر. وقس على ذلك الشعور الغريب الذي يشعر به الأب إذا عرف أن ابنه قد يخلفه في زوجته، أو الابن إذا عرف أن أباه قد سبقه إليها.