والعجيب أن هذه الآية الكريمة ما كادت تنتهي من الأمر بطاعة الله، وبطاعة الرسول وأولي الأمر، حتى وضعت المسلمين أمام مسؤولياتهم إذا طرأ على حياتهم ما يدعو إلى التنازع والاختلاف في شؤونهم العامة، وبادرت إلى قطع دابر النزاع، إذ نصت على الحل الملائم والمناسب لكل تنازع أو اختلاف قد يقع بينهم، وذلك حتى يحسم الخلاف بينهم من الأساس، ويعود المسلمون إلى الاتفاق والائتلاف.
والحل القرآني والعملي لكل تنازع يطرأ بين المسلمين كما نص عليه كتاب الله هو الرجوع إلى الله ورسوله، والنظر فيما أوجب التنازع بينهم، على ضوء ما في كتاب الله وسنة رسوله، واستخراج الحل الإسلامي الملائم من تعاليمهما وتوجيهاتهما، ومن القياس على نصوص الدين، وسوابقه، في عهد الرسالة وعهد الخلافة الراشدة، وبذلك يهتدي المسلمون إلى حل واحد يرضاه الجميع، ويلتزم طاعته الجميع، ومادام المرجع فيه هو الله ورسوله فلا غالب ولا مغلوب، ولا منتصر ولا منهزم، وإنما تكون كلمة الله وحدها هي العليا {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وهذا هو معنى قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} على غرار قوله تعالى في آية أخرى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}.
ثم جاء التعقيب على هذا الإرشاد الإلهي بأنه هو خير وسيلة وأحسن طريقة لفض النزاع بين المسلمين إذا طرأ عليهم ما يدفع