للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خصال الخير وإشهار فضائله والتنويه بمظاهره، وعلى ضرب المثل للناس بالعفو عن السوء كلما بدرت بادرته من مسيء، ومضى كتاب الله في توكيد هذا المعنى وإغراء المؤمنين به، لافتا نظرهم إلى أن من صفات الكمال التي اتصف بها الحق سبحانه وتعالى صفة (العفو) مع كامل القدرة، وإذن فمن أدب المؤمن، بل من الواجب عليه أن يتحلى في هذا المجال بخلق ربه، فيعفوا عمن أساء إليه، حتى ولو كان قادرا عليه، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}.

ومما تجب ملاحظته في هذه الآية أنها ابتدأت في الذكر بإبداء الخير وإبرازه، فقالت {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا} لأن في إبداء الخير وإظهاره وإشهاره بين الناس تشجيعا عليه، ودفعا إليه، وضربا للمثل الصالح والقدوة الحسنة.

ولا يخفى على بصير أن تقليد الناس ومحاكاة بعضهم لبعض، وتشبه فريق منهم بفريق، ظاهرة اجتماعية ونفسية لا تتخلف بالنسبة للخير والشر، وللصلاح والفساد، فإشاعة الفاحشة وقالة السوء تدفع بالمجتمع إلى أن يصير مجتمعا فاحشا ومجتمع سوء وإشاعة الخير قولا وفعلا تدفع بالمجتمع إلى أن يصير مجتمعا خيرا، ومن هنا نادى الإسلام في غير ما آية وغير ما حديث بضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك حتى تضيق دائرة الشر، وتحاصر بؤرة الفساد فلا يتسرب إلى البلاد والعباد.

وعلى ضوء هذا التفسير يتضح المقصود من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>