ثم يخاطب كتاب الله كافة الناس دون استثناء، فيدعوهم إلى الإيمان بالحق الذي جاءهم من ربهم، مبينا لهم أن خيرهم فيه لا في غيره {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ}.
ومن هنا تنتقل الآيات الكريمة إلى التنديد بغلو أهل الكتاب، وما أضافوه إلى دين الله من تلقاء أنفسهم من العقائد الباطلة، وما خلعوه على أنبيائهم من صفات الألوهية ودعاوى الربوبية، التي هم بريئون منها كل البراءة {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} - {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ}.
ويعود كتاب الله إلى الحديث عن عذاب {الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} وعن ثواب {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}.
ثم يتجه الخطاب الإلهي إلى كافة الناس، يدعوهم جميعا إلى الإيمان بكتاب الله، والاعتصام بحبله، والالتفاف من حوله، مبينا لهم أن القرآن الكريم هو آخر برهان من ربهم أنزله إليهم، حتى لا يبقى بعده للناس، أقل عذر أو أدنى التباس {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
والآن ونحن على أبواب الانتهاء من سورة النساء نرى من المناسب أن نلفت النظر إلى ما نقله المفسرون عن عبد الله بن