صيانة أمن الناس فريضة عامة من فرائض الدين، والإخلال بها عدوان على حق الله المبين، لا يسوغ القيام به لأي أحد من المسلمين، ولذلك وضع الله لهذه الجريمة عقوبات مغلظة، أنزلها وحددها في كتابه من فوق سبع سماوات، تتراوح بين القتل والصلب والنفي وقطع الأطراف من خلاف، وإنما حددها الله تعالى في كتابه الحكيم حتى لا يتهاون في شأنها المتهاونون، ولا يعترض على تنفيذها المتحذلقون، ووكل الحق سبحانه وتعالى أمر اختيار العقوبة المناسبة، من بين تلك العقوبات، لظروف الجريمة وملابساتها، إلى اجتهاد أمراء المؤمنين وولاة المسلمين.
وأما موضوع الأمن على الأموال فقد تناولته آيتان من هذا الربع أيضا، وهما قوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وفي قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} إشارة إلى أن السارق هنا ظالم للمجتمع وغير مظلوم منه، فقد اعتدى بالسرقة على مال غيره لمجرد الرغبة في الإجرام والقيام بظلم الغير، حيث لا ضرورة من فقر ولا جوع تدفعه إلى ذلك، وإنما دفعه إلى السرقة استهانته بحرمة أموال الناس، وحرصه على الاستئثار بها لنفسه دونهم، رغبة في التكاثر والغنى من أيسر طريق، وفي الآية أيضا إيماء إلى وجوب كفاية حاجة المحتجين، وتمكينهم من ضروريات الحياة، حتى لا يقعوا في شرك الجريمة، فقد (كاد الفقر أن يكون كفرا) كما جاء في الأثر.