بالإثم والأنانية، وإمعانا في العناد والاستكبار، وتمسكا بحفظ مصالحها وامتيازاتها، وحرصا على إبقاء الجماهير المضللة في شبكتها، وتحت تأثيرها، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
وانتقلت الآيات الكريمة إلى التنديد بموقف بني إسرائيل من ميثاق الله الذي واثقهم به، والتنديد بموقفهم من رسل الله الذين تعاقبوا عليهم الواحد بعد الآخر، فلم يكن آخرهم أحسن حظا من أولهم، وأشارت نفس الآيات إلى ما تقلبت فيه كثرة بني إسرائيل من عصيان وتوبة، ثم عصيان مستمر جعلهم محل سخط الله وغضبه، وذلك قوله تعالى {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}.
ومن الحديث عن بني إسرائيل وموقفهم من أنبيائهم انتقلت الآيات مرة أخرى إلى الحديث عن موقف المدعين لإتباع المسيح والإيمان به، مبينة كفرهم الصريح بسبب تأليههم لعيسى ابن مريم، على خلاف تعاليمه ووصاياه التي نادى بها من المهد إلى اللحد، فنفس المسيح عليه السلام منذ كان في المهد صبيا قال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} ولم يقل إني إله، ونفس المسيح ظل خلال قيامه برسالته يدعوا أتباعه إلى عبادة الله الواحد الأحد،