وواصلت الآيات الكريمة حديثها عن كفار بني إسرائيل، مبينة تواطؤهم على المناكر، وحرصهم على موالاة الكافرين، وما أدى إليه هذا السلوك المنحرف من عذاب في الدنيا والآخرة، وذلك قوله تعالى:{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}.
وإذا استنكر كتاب الله موقف التواطؤ على المنكر من بني إسرائيل، فإنه يستنكره من المسلمين من باب أولى وأحرى.
على أن كتاب الله في هذا الربع قد فتح في وجه المخالفين للإسلام أيا كان دينهم، وكيفما كان شعارهم - بالرغم عن مخالفتهم وانحرافاتهم - باب التوبة والمغفرة والدخول في حظيرة الإسلام على أساس المساواة التامة، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، ووعدهم وعد الحق والصدق بالأمن في الدنيا والآخرة، رفقا بهم، وحرصا على هدايتهم، وإقامة للحجة عليهم، وذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.