للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السحب وإلقاحها، وتوزيع قطراتها على بقاع الأرض ومن فيها. {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} فهذه لا أمارة عليها ثابتة، ولا علامة قاطعة.

و" أم الغيب الثالثة " ما تنطوي عليه الأرحام، وما يجري تدبيره فيها بأمر الله من خلق النطفة وتدريجها في أطوار الخلقة طورا بعد طور، حتى تستوي ذكرا أو أنثى، فرادى أو توائم، فهذه لا أمارة عليها، ولا علامة تهدي إليها مهما ادعى المدعون وتنبأ المتنبئون {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}.

و" أم الغيب الرابعة " ما أخفاه الله عن خلقه من كسب الغد المجهول بما فيه من عمل ورزق، و " الغد " هنا يصدق على الغد القريب والغد البعيد، فكم من غني ظن أنه تحصن بغناه من تقلبات الدهر، فافتقر إلى ما عند الناس، وكم من فقير ظن أنه لن يخرج من عالم البؤساء فأغناه الله وأعطاه، وكم من قوي معتز بقوته أصبح منهار الأعصاب مهدود القوى، وكم من ضعيف بات خائر العزيمة فاتر الهمة، فآتاه لله من حوله حولا ومن قوته قوة، وهذا الأمر مغيب عن الإنسان بالرغم من حرصه الشديد على معرفة كل شيء يتعلق بعمله وكسبه ووسائل عيشه، وما يرتبط بذلك من سرور أو غم، وهلاك أو نجاة، وربح أو خسارة وتوفيق أو خذلان، فكائنات الغد كلها تحت حجاب الله، ولا يعلم حقيقة أمرها سواه {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}.

و" أم الغيب الخامسة " ما أخفاه الله عن خلقه من عاقبة كل إنسان، إذ رب العزة وحده، وهو الذي انفرد بعلم هذه العاقبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>