للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدينون له بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد، إذ أنشأهم من عدم، ونفخ فيهم من روحه كيف شاء، ثم قبض روحهم إليه متى شاء {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} فلا تعويق أمام الله ولا مماطلة ولا إبطاء، في إجراء المحاسبة وإصدار الحكم وإعلان الجزاء.

ثم يحذر كتاب الله الغافلين المتجاهلين لحكمه وحكمته، المتمردين على دينه وشريعته، بأنه قادر على أن يؤدبهم بسوط عذابه فجأة، ومن حيث لا ينتظرون.

فهذا " العذاب التأديبي " من الله لن يأتيهم من اليمين أو الشمال، حتى يعدوا له عدته، ويأخذوا له أهبته، وإنما ينقض عليهم كالصاعقة من فوق رؤوسهم، بحيث لا يستطيعون له قمعا، أو ينفجر كالبركان من تحت أرجلهم بحيث لا يستطيعون له دفعا، وإذا لم يأتهم العذاب لا من فوقهم ولا من تحتهم، فإنه يأتيهم من بينهم، فيذوق بعضهم العذاب من نفس البعض الآخر وعلى أيديهم، وذلك هو عذاب الاختلاف والتفرقة إلى شيع متعادية متباغضة، وأحزاب متخالفة متعارضة، يحارب بعضها بعضا، ويفتن بعضها بعضا، ويأكل بعضها بعضا، إلى أن يفني بعضها بعضا.

وهذا التحذير الإلهي الخطير هو الذي يتضمنه بإيجاز وإعجاز قوله تعالى في هذا الربع {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}.

ومما جاء في نفس المعنى في سورة الملك: {أَأَمِنْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>