حرب مستعرة تدور رحاها فيما بينه وبين نفسه، وفيما بينه وبين ربه؟ فهو في صراع لا يفتر، واضطراب لا يقف، وحيرة لا تنتهي {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
ويأتي الجواب المنطقي الصريح والوحيد، مضمنا في قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} فمن آمن بالله إيمانا كاملا وأسلم وجهه لله إسلاما تاما، ولم يشرك بالله غيره، لا في عبادته ولا في محبته، ولا في رجائه وخوفه، واستند إلى ركن الإيمان بالله الركين، وحصن اليقين في الله الحصين، تعهد الله له بالأمن والهداية في الدنيا والآخرة، وجعله من الآمنين والمهتدين، {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} ومن أشرك بالله غيره في عبادة، أو محبة، أو رجاء أو خوف، أو تعلق بأي وجه من الوجوه، كان قلق النفس، مضطرب البال، ولم يزل طيلة حياته متعثر الخطى، أسيرا للوساوس، غريقا في الأوحال.
جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:(لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا يستفسرونه قائلين: (وأينا لم يظلم نفسه؟) إذ فهموا من كلمة " ظلم " مجرد ظلم النفس ولو بارتكاب الصغائر، فنبههم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن معنى هذه الآية يؤخذ من آية أخرى تفسرها أحسن تفسير، وهي قوله تعالى في سورة لقمان، {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وبذلك يكون معنى