عما كانوا يعتمدون عليه من الشفعاء والأنصار، فقد عادوا إلى الله كما خلقهم أول مرة، عزلا وفرادى دون مال ولا متاع، ولا أهل ولا أولاد ولا نفوذ ولا جاه، ولا رفقاء ولا شفعاء، فلا شفيع معهم من أولئك الشفعاء المرموقين الذين زعموا أن لهم فيهم حظا مع الله، وإذن فهم في منتهى الفقر، وفي منتهى العزلة، وفي منتهى الخيبة، موكلون إلى أنفسهم، قد انقطع بينهم وبين الناس كل حبل، وانفصمت كل رابطة تربطهم بالآخرين، وليست أمامهم إلا حقيقة الحقائق، وهم وحدهم في مواجهة الحق الأكبر الذي لا حق دونه، ولا حق فوقه، وذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}.