وتوجيهها للجماعة المسلمة، وتوجيهها للدولة الإسلامية، وتوجيهها للإنسانية جمعاء، فتوجيهاتها كلها حق وصدق، كما نبه كتاب الله إلى أن كلمات الله التي يتضمنها كتابه العزيز هي المثل الأعلى في العدل، فلا يوجد في أحكامها، ولا في تكاليفها، ولا في أوامرها، ولا في نواهيها، ولا في مبادئها التشريعية والأخلاقية، ما يناقض مبدأ العدل المطلق، الذي لا عدل فوقه ولا عدل سواه، إذ هو عدل الحكم العدل الذي هو أحكم الحاكمين ورب العالمين، فعدله ليس عدل طبقة ضد طبقة، ولا عدل جنس ضد جنس، ولا عدل لون ضد لون، ولا عدل ملة ضد ملة، وهو فوق الأهواء والشهوات، لأنه عدل " الكامل " الذي لا يلحقه أي نقص، و " الغني " الذي لا تضطره أي حاجة و " العادل " الذي لا يتصور منه أي ظلم.
ونبه كتاب الله في نفس هذا السياق إلى أن ما تحتوي عليه كلمات الله في كتابه المبين من صدق وعدل لا يمكن أن يلحقه نقض ولا إبطال، ولا تغيير ولا تبديل، ولا تحريف ولا تزوير، لأنها أحكام صادرة عن علم الله، وحكم منطوية على سر الله، وكلمات محفوظة بحفظ الله، وذلك قوله تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} - {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.
وانتقلت الآيات الكريمة إلى تقرير حقيقة اجتماعية وتاريخية كبرى، حتى لا يضل عنها المسلمون، ولا يختلط عليهم الحابل بالنابل، ألا وهي " معيار الحق " و " معيار الحقيقة " ليس هو كثرة القائلين بالقول، ولا كثرة المقلدين للرأي، فكم من الأكثريات