للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا المعنى هو الذي اقتبسه أحد الشعراء فقال: " وما ظالم إلا سيبلى بظالم ".

ومنها آية هي من قبيل " الإنذار قبل الإعذار " تشير إلى أن الحق سبحانه وتعالى لا يهلك الأمم ولا يبيدها تعسفا واعتباطا دون سابق هداية وإنذار، بل إنه ينبهها من غفلاتها المرة تلو المرة، ويذكرها بما آل إليه أمر الأمم السالفة التي تمردت على الله من خراب وتدمير، حتى إذا أصرت على إهمال دعوة الرسل، وهجرتها بالمرة، ورمت بها عرض الحائط، ولم تتعظ بالإنذارات المتوالية، جاءها الحق الماحق، والعذاب الساحق من عند الله، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وإلى ذلك يشير قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} على غرار قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} وطبقا لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}.

ومنها آية تنذر المتمردين على الله والمتعدين لحدوده، بالقضاء عليهم وإبادتهم، واستخلاف غيرهم بدلا منهم، متى فقدوا مؤهلات الخلافة عن الله في الأرض، وأخلوا بشروطها الجوهرية، وأول هذه الشروط الإصلاح دون الإفساد، وثانيها التعمير دون التدمير، وثالثها حفظ التوازن التام، وضمان الانسجام الكامل، بين نواميس الطبيعة وقوانين الشريعة.

وما دامت قدرة الله هي التي يدين لها الإنسان بدءا وختاما بإيجاده وإمداده، فإن هذه القدرة لا يعجزها إبادة أمة أو أمم متعددة متى كانت فاسدة، وتعويضها بغيرها من الأمم الصالحة لعمارة

<<  <  ج: ص:  >  >>