للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثمرات والنباتات، وهذا يتضمن إرشادا إلهيا صحيا متعلقا بصحة المؤمن العامة، وسلامة جسمه، وثقوب ذهنه، فمن لم يسرف في الأكل وتوابعه، ولم يأخذ منه أكثر من حاجته تمتع بجسم سليم وعقل سليم، ومن أسرف في الأكل وتوابعه أسرع بخطاه إلى العطب والهلاك جسما وعقلا، وهذا المعنى يؤكده قوله تعالى في آية أخرى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة).

والأمر الثاني هو الإرشاد إلى عدم الإسراف في الحقوق الاجتماعية التي جعلها الله للغير، وإلى عدم التوسع فيها أكثر من المطلوب، إذا كان ذلك على حساب الحقوق الأخرى التي جعلها الله للنفس والأهل والعيال، وهذا يتضمن إرشادا إلهيا له مساس بحياة الفرد الاقتصادية. قال ابن جريج: " نزلت هذه الآية في ثابت ابن قيس جذ نخلا له. فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته، فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} " رواه عنه ابن جرير الطبري، وقال إياس ابن معاوية: " ما جاوزت به أمر الله فهو سرف " وروى ابن جريج نفسه أيضا عن عطاء قوله: " نهوا عن السرف في كل شيء ". واختار ابن جرير الطبري قول عطاء: إنه نهى عن الإسراف في كل شيء. قال ابن كثير معقبا عليه: " ولا شك أنه صحيح " ويشهد لهذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لسعد ابن مالك الذي أراد أن يتصدق بثلثي ماله فراجعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقتصر على الثلث، ثم قال

<<  <  ج: ص:  >  >>