بما لا يدع مجالاً للشك أن المهمة الجلّى والكبرى التي يجب أن تؤديها "أحاديث التفسير" لجمهور المسلمين الكبير - بصفتها أحاديث يومية عامة - هي وضع أيديهم، كل مطلع فجر، على الكنوز التي أودعها الله في القرآن، وتذكيرهم بالرّسالة "الأصليّة" للقرآن، التي هي رسالة الحياة في كل يوم، رسالة التوجيه الإلهي والتربية الرّبانيّة، التي يجب أن يتجلّى أثرها الطيب والدائم في حياتهم اليومية، ذلك أن آيات القرآن الكريم ليست قصّة من قصص الماضي السحيق يكتفي بحكايتها والتبرّك بها في فترات الرّاحة والاسترخاء، ولا خبراً من أخبار الغابرين يقتصر على التلهّي بها في مجالس التسلية والسمر. وإنما هي رسالة الحياة المتجددة في كل عصر وجيل، وقصة اليوم والغد والحاضر والمستقبل، وهي مرآة المسلم الصافية التي يجب أن ينظر وجهه فيها كل مطلع شمس، ويعيّر سلوكه بمعيارها، ويكيف حياته بها في كل حين. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
ومن منن الله علينا أن كتاب الله العزيز جعله الله " تبياناً لكل شيء " فوضَّح لنا فيما وضَّحَ، ما هي رسالة القرآن، بأعجز وأوجز بيان؟ فقال تعالى في سورة الأعراف - الآية ٢٠٣:{هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. وقال تعالى في سورة إبراهيم - الآية ٥٢:{هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. وقال تعالى في سورة القصص - الآية ٤٣:{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
فلتدر إذن " أحاديث التفسير اليومية " في فَلَك هذه الآيات البيّنات، التي حددت بمنتهى الدقة والوضوح رسالة القرآن " الأصلية " ولْتُقدِّم للجمهور المسلم معاني القرآن، خالصة من جميع الشوائب التي تتنافى مع