عند الله، تلك المكانة التي أهلتهم لرقابة الخلائق وفرزها وصرفها إلى مقرها الأخير، فهم يتقدمون إلى أصحاب الجنة بالتهنئة والتحية حينا {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} - {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} وهم يتقدمون إلى أصحاب النار بالتنكيت والتبكيت حينا {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} وهم عندما تقع أبصارهم على أصحاب النار يتبرءون منهم ويبتهلون إلى الله أن لا يجعلهم معهم {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
وقوله تعالى:{لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} يعود الضمير فيه على أصحاب الأعراف، وهو إشارة إلى ما يكونون عليه أثناء قيامهم برقابة الخلائق وفرزها، إذ يتأخر دخولهم إلى الجنة حتى ينتهوا من العمل الموكول إليهم، فتلك الفترة بالنسبة إليهم تكون فترة انتظار، وهم في حال فرزهم للناس وتوزيعهم لا يعرفون الوقت المحدد الذي يصل فيه دورهم لدخول الجنة، والنزول في دار القرار، فعلى هذا المعنى ينبغي أن يحمل قوله تعالى في شأنهم {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} كما حققه القاضي عبد الجبار في كتابه " تنزيه القرآن عن المطاعن ". وعن الحسن أنه تلا هذه الآية {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} ثم قال: " والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها لهم " وقال ابن عباس: " هم يطمعون أن يدخلوها، وهم داخلوها إن شاء الله ". وجاء في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل