الناس، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزور - أي الزوار وما يشعرون به، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، وإن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}.
وفي القسم الأخير من هذا الربع تناولت الآيات الكريمة قصة نوح عليه السلام وما وصفه به قومه من الضلالة، وقصة هود عليه السلام وما وصفه به قومه من السفاهة، وذكرت الرد المهذب الجميل الذي رد به كل منهما على ما وجه إليه من قدح وتجريح، إذ قال نوح لقومه {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. وقال هود لقومه:{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}.
قال القاضي عبد الجبار:" وهذه الجملة يعرف بها رفق الأنبياء وحسن دعائهم إلى الدين، وفيها إذا تأملها المرء ما يعتبر به ويعرف آداب الأنبياء صلى الله عليهم وسلم في الدعاء إلى الدين، وصبرهم على ما نالهم من الأمم، فيقتدي بهم ".