للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنزل بمختلف الأمم حتى الآن، ولا يحمي منها إلا التقوى والاستقامة والإيمان.

لكن بني إسرائيل ما كادوا يفلتون من قبضة فرعون، ببركة موسى الذي جدد عقيدة التوحيد على ملة إبراهيم الخليل عليهما السلام، حتى نفخ فيهم الشيطان من روحه، وأخذوا يلحون على موسى أن يعوضهم عن دين التوحيد الذي دعاهم إليه وأنقذهم باسمه، بدين وثني خاص من نوع الأديان القائمة إذ ذاك في عموم المنطقة، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} فما كان من موسى إلا أن رد عليهم مستنكرا ومحذرا، قال: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} وكلمة " تجهلون " في هذا السياق إما من الجهل ضد العلم، وإما من الجهال بمعنى السفه، على حد قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. ثم أخذ يؤكد لهم ما ينتظر المشركين من هلاك وما هم عليه من باطل قائلا: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وأخيرا ذكرهم موسى بالرسالة التي حملها إليهم إذ جاءهم برسالة التوحيد، وذكرهم بتفضيلهم إن عملوا بها على فرعون وآله، لما كان عليه هو وقومه من الشرك والوثنية، وعدم الاتعاظ بنذر الله المتوالية، وذلك ما أشار إليه موسى عليه السلام بقوله إذ خاطبهم من جديد: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>