رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة على رأس جيش قوامه ثلاثون ألف مسلم معهم عشرة آلاف من الخيل، وترك على المدينة خليفة من قبله محمد ابن مسلمة الأنصاري، كما حققه الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه " زاد المعاد ".
ولما جاء موسى لميقات ربه، وتلقى كلامه ورسالته، استشرفت نفسه، بدافع الشوق وحافز الرجاء، وفي غمرة الذهول والدهشة، إلى تجلي الذات الإلهية، فما كان من الحق سبحانه وتعالى إلا أن ألقى جوابا يستطيع أن يتأكد من خلاله أن الكيان البشري الضعيف لا يقوى على استقبال النور الإلهي وجها لوجه ولاسيما في هذه الدنيا، وإذا كان تجلي الذات الإلهية لجبل الطور يجعل الجبل على شموخه وصلابته خاشعا متصدعا، ويدكه دكا في طرفة عين حتى يسيخ في أعماق الأرض، من جلال الله وهيبته، فما بالك بوقع ذلك التجلي على الإنسان الضعيف البنية، والقوي الخشية، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}. وما كاد موسى يرى ما أصاب الجبل الشامخ من تصدع وانهيار حتى أغمي عليه في الحين، من شدة فزع المنظر وهول الموقف، وذلك قوله تعالى:{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ} - أي من الإغماء الذي أصابه - {قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.
غير أن هذه الحادثة الكبرى لم يمر عليها وقت طويل حتى أصبحت لها ذيول في حياة بني إسرائيل، ذلك أن بني إسرائيل لم