٣ - اذكروا ما عندكم من وعد الله لكم، بابتياعه أنفسكم منكم، ومثامنته لكم.
ثم عقب على هذه الاحتمالات قائلا:" وكلها مراد، وأقواها أوسطها، فإن ذلك إنما يكون عن قوة المعرفة، ونفاذ القريحة، واتقاد البصيرة، وهي الشجاعة المحمودة في الناس.
وقوله تعالى:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} يتضمن أفضل وصية من الله لعباده، وهي الوصية التي تمسك بها السابقون الأولون، وشدوا عليها يد الضنين، ومهما عاد المسلمون إلى التمسك بها أعاد الله إليهم ما عودهم من النصر والفتح المبين. ومن أصدق ما قيل في تحليل هذه الوصية الإلهية وتعليلها ما ذكره القاضي أبو بكر ابن العربي حيث قال: " هذه الوصية هي العمدة التي يكون معها النصر، ويظهر بها الحق، ويسلم معها القلب، وتستمر معها على الاستقامة الجوارح، فإنما يقاتل المسلمون بأعمالهم لا بأعدائهم، وباعتقادهم لا بأمدادهم "، ثم علق على ما نهى الله عنه من التنازع، وما ينشأ عن التنازع من فشل فقال: " وهذا أصل عظيم في المعقول والمشروع. . . فإذا ائتلفت القلوب على الأمر استتب وجوده، واستمر مريره، " يقال استمر مريره إذا استحكم عزمه " وإذا تخلخل القلب قصر عن النظر، وضعفت الحواس عن القبول، والائتلاف طمأنينة للنفس، وقوة للقلب، والاختلاف إضعاف له، فتضعف الحواس، فتقعد عن المطلوب، فيفوت