الخائنين للعهود، والضرب على أيديهم عند لقائهم دون هوادة، حتى يعتبر بهم غيرهم من بقية الأعداء، وحتى لا يحدثوا أنفسهم بالعدوان من جديد على المسلمين، فقال تعالى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.
وبعدما أمر الله رسوله والمؤمنين بالاحتياط التام، من تحركات أعداء الإسلام، وبالمبادرة إلى نقض عهدهم عند توقع خيانتهم، بمجرد ظهور بوادر الخيانة وبروز آثارها، وإن لم يكونوا قد أعلنوا خيانتهم رسميا، فقال تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} جاءت الآيات الكريمة في أول هذا الربع بقاعدة قرآنية عامة، وخطاب إلهي موجه إلى كافة المومنين، بصفة مؤبدة ومستمرة إلى يوم الدين، وذلك قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}. ففي هذا الخطاب الإلهي الحكيم يأمر الله عباده المومنين أمرا قاطعا بإعداد كل ما في إمكانهم واستطاعتهم من وسائل القوة، الكافية لمجابهة أعداء الإسلام، وعدم الغفلة عن هذا الاستعداد، على مدى السنين والأعوام.
وكتاب الله في هذه الآية لا يحدد نوعا خاصا من أنواع " القوة " وإنما يأمر بإعداد القوة بكل ما في الوسع والطاقة، وعلى الإطلاق والشمول، دون تعيين لنوعها، ولا تحديد لشكلها، لأن أنواع القوة وأدواتها تختلف من عصر إلى عصر، ومن جيل إلى جيل، فلكل عصر نوع من القوة يقهر الأعداء، ونوع من السلاح يفيد في مقاومتهم ويردهم على أعقابهم. والله تعالى بمقتضى هذه الآية يلزم المسلمين بأن يكونوا أقوياء غير ضعفاء، وبأن يكونوا في