أحكام، تتصل بجوهر الحلال والحرام، مع أن أحكامهم تلك لا سند لها من الدين، وإنما هي من بنات أفكارهم ومحدثات أهوائهم، فهذا معنى اتخاذهم لأحبارهم ورهبانهم {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والطبري من عدة طرق عن عدي بن حاتم الطائي الذي كان أبوه مشهورا بالكرم بين العرب، حتى أصبح " الكرم الحاتمي " بينهم مضرب المثل، أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم وفي عنقه صليب من فضة، إذ كان على النصرانية قبل دخوله في الإسلام، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} فقال عدي مدافعا عن النصارى: " أنهم لم يعبدوهم " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم). ثم أقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، وكان من جملة ما قال له:(يا عدي ما تقول؟ أيضرك أن يقال: الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ ما يضرك؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله؟ فهل تعلم إلها غيره؟) ولم يلبث عدي بعد سماعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومجالسته إياه أن أسلم وشهد شهادة الحق. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون).
وأما عقيدة التثليث التي يعتقدها النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام فالشرك فيها بالله واضح كل الوضوح، متجاوز كل الحدود، وسبق في شأنها قوله تعالى:{وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} الآية، وكذلك ما نسبه اليهود قبلهم