القواعد، وثبت الدعائم، ورد شارد الدين وهو راغم ... ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفرس عبدة النيران، ففتح الله ببركة سفارته البلاد ... وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده وولي عهده الفاروق الأواب، شهيد المحراب ... أبي حفص عمر بن الخطاب، فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين، وقمع الطغاة والمنافقين، واستولى على الممالك شرقا وغربا ... ثم لما مات شهيدا، وقد عاش حميدا، أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ... شهيد الدار، فكسى الإسلام حلة سابغة، وأمد في سائر الأقاليم حجة الله البالغة، فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ... وبلغت الملة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها، وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم، ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار، امتثالا لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} ".
وقوله تعالى هنا:{وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} أمر للمؤمنين الذين يشتبكون مع أعدائهم بأن يواجهوا المعركة بما يلزم لها من قوة القلب، وضبط النفس، وتقدير المصلحة العليا، وأن يقوموا بواجب الجهاد كاملا غير منقوص، حتى يمكنوا بجهادهم للإسلام، ويفرضوا هيبته على الأنام، ويرفعوا عنه الحصار المضروب من حوله، ويشقوا له طريق العيش في سلام. وبنفس المعنى سبق قوله تعالى في هذه السورة وكما سيأتي في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ