الكامنة، فهو الترياق المجرب في الخلوات والجلوات، وهو الإكسير الذي لا يماثله إكسير لعلاج جميع الأزمات.
ومن جملة آيات هذا الربع آيات بينات تولى فيها كتاب الله التنويه " بأوليائه " والتعريف بهم وبصفاتهم، حتى يكونوا قدوة صالحة لبقية الناس، فيسلك من يأتي بعدهم نفس الطريق الذي سلكوه، ويبتغي إلى الله نفس الوسيلة التي اختارها الله لهم فاختاروها لأنفسهم، وهي شريعته المنزلة، وحكمته المفصلة، مع التزامهما كل الالتزام وإتباعهما كامل الإتباع، وتفادي كل زيادة عليهما أو ابتداع، منبها إلى أن باب الولاية مفتوح في وجه جميع المؤمنين، وأن مفتاحه الوحيد قريب غير بعيد، ألا وهو الإيمان والتقوى، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، وكأن سائلا بادر بالسؤال عن أولياء الله من هم؟ فقال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
ثم بين كتاب الله ما ينتظر كل مؤمن اتقى الله وتولاه، وأصبح من أولياء الله، من البشريات والهبات، فقال تعالى:{لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}. أما البشرى في الحياة الدنيا فهي أن يحييهم الله حياة طيبة، وأن يجعل لهم ودا ومحبة في قلوب خلقه، وأن يعيشوا في كنف رعايته وفي حمى لطفه الخفي. وأما البشرى في الآخرة فهي النعيم المقيم، ورضوان الله الذي لا سخط بعده ولا تأثيم. روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر أنه قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه ويثنون عليه به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تلك