للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهم مدعوون بهذا الخطاب إلى سؤال أهل العلم واستفسارهم، حتى يزول شكهم، على حد قوله تعالى في آية أخرى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] وبذلك يرتفع شكهم، ويتأكد إيمانهم.

وإما أن يكون شكهم صادرا عن تعمد الإنكار والإصرار، فيكون الخطاب موجها إليهم على وجه الزجر والتقريع، لأنهم يجادلون في أمر ثابت لا محل فيه للجدل والمراوغة {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٩].

وقوله تعالى في هذا السياق {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ليس المراد منه أن الله سبحانه وتعالى يحول بين فريق من الناس وبين الإيمان، فالله تعالى قد هدى الإنسان النجدين، وعرفه طريق الخير من طريق الشر، ومكنه من جميع الوسائل لتمييز الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وأعطاه من القدرة والإرادة ما يستطيع بواسطتهما أن يرجح كفة على أخرى، وأن يختار الطريق الذي يريد سلوكه، وأن يفضل من الأعمال والتصرفات ما يرغب في تفضيله، وذلك هو محور التكليف، ومناط الثواب والعقاب.

وإنما المراد بهذه الآية وما ماثلها أن هناك طائفة من الناس قد ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، فلم ينفع فيهم ترغيب ولا ترهيب، واختاروا عن عمد وإصرار طريق الهلاك والبوار، فلم يبق

<<  <  ج: ص:  >  >>