ويحكي كتاب الله قصة نوح عليه السلام مع قومه، وأنه لم يتهاون في إنذارهم، وبيان الحق والحقيقة لهم، فدعاهم إلى الإيمان بالله وعبادته دون غيره، وإلى الإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وعذاب، وذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}.
وسجل كتاب الله أجوبة كبار قوم نوح المتعنتين المتكبرين، وهذه الأجوبة تتلخص في أنه لا شيء يبرر في نظرهم أن يكون نوح بالخصوص رسولا إليهم من عند الله، فهو في نظرهم بشر مثلهم، لا يمتاز عنهم بأي شيء، وإلا فيجب أن يكونوا جميعا رسلا مثله بحكم " قياس الشبه "، أو يجب أن يكون الرسول ملكا لا بشرا. ثم إن الذين اتبعوه في نظرهم لا قيمة لهم في المجتمع، فهم ليسوا من طبقة الملأ وكبار القوم، بل هم من ضعفاء الناس.
يضاف إلى ذلك أن هؤلاء الضعفاء الذين اتبعوه لم تكن عندهم -فيما زعم كبار قوم نوح- قدرة على التروي والبحث في الدعوة التي دعاهم نوح إليها، بل أقبلوا عليها دون بحث ولا تحقيق، واتبعوها بمجرد سماعها دون تأمل ولا تمحيص، وإذن فهم مخدوعون مغرورون. وهذه المعاني التي تضمنتها أجوبة كبار