للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «خَالِفُوا الْيَهُودَ، فإِنَّهُمْ لا يُصَلُّونَ في نِعَالِهِمْ، وَلَا خِفَافِهِمْ» (١).

ومما ينبغي التنبيه عليه أنَّ السُّنَّة إذا كان تطبيقها يؤدِّي إلى مفسدة، فإن درء هذه المفسدة يُقدَّم، ومن ذلك ما ربما يفعله بعض الحريصين على السُّنَّة فيطبِّق هذه السُّنَّة في مساجدنا اليوم، وربما يحصل له نزاع، واستنكار من بعض العوام الذين يجهلونها -ومثل هذا الصنيع يختلف من شخص لآخر، ومن مجتمع لآخر من حيث درء المفسدة وحصولها- وحينئذ لا تُطبَّق السُّنَّة والحالة هذه؛ لوجود مفْسَدة الاختلاف والنزاع التي تنافي مقصود الجماعة.

وإن أُمنَت المفْسَدة لابد من التنبّه لأمر آخر، ألا وهو: تلويث المساجد بما قد يعْلُق بفرشها من أذى هذه النّعال، فيؤدِّي إلى اتساخها، وحينئذ يتأكَّد عدم تطبيق هذه السُّنَّة؛ لهذه العلَّة أيضاً إن كانت حاصلة، وفي السُّنَّة النبوية كثير من النصوص التي تحث على صيانة المساجد، وتنظيفها، وإماطة ما فيها من أذى، وأنَّ البزاق فيها خطيئة، وكذا سائر الأذى فإنه من مساوئ الأعمال.

على أنه لا يُفهم مما سبق التهاون في هذه السُنَّة، والتزهيد في تطبيقها -معاذ الله-، وما جرْي قلمي في ميدان هذه الصفحات؛ إلا من أجل بيان السُّنَّة، والحث عليها، والتمسك بها، وللمسلم أن يُطبِّق هذه السُّنَّة في كثير من المواطن: كأن يُصلِّي بنعليه في بيته، أو عندما يخرج للنزهة، أو في السَّفَر، أو في مسجد اعتادوا على تطبيق هذه السُّنَّة، ونحو ذلك من المواطن التي يمكن فيها تطبيق هذه السُّنَّة.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحيا على السُّنَّة ويموت عليها،


(١) رواه أبو داود برقم (٦٥٢).

<<  <   >  >>