للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جليلة القدر، عظيمة الثمرة، اقترح عليَّ كتابتها أحدُ الإخوة الفضلاء -جزاه ربي خير الجزاء- وكان دافعاً لي في تسطيرها سببان رئيسان:

أولهما: ما مجَّ سمع كل مسلم، وأحزن قلب كل موحِّد، وأبكى عين كل مُحِب لخليل الله نبينا -صلى الله عليه وسلم- حينما نيل منه، ورُسم عنه من قِبَل مَنْ سخروا منه، واستهزؤوا برسم كاريكاتيرات ساخرة تُسيء له -فداه أبي وأمي- وإلى يومنا هذا ما زلنا نسمع بمثل هذا من بلد وآخر، ولا عجب من ذلك؛ فقد تبع هؤلاء جميعاً كفار قريش، وغيرهم حينما آذوه وسخروا منه، فنال الصحابة -رضوان الله عليهم- ممن نال وآذى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والدفاع عن حقِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دَيْنٌ على كل الأمَّة حتى يُردَّ حقُّه -صلى الله عليه وسلم-.

ومِنْ أهم أنواع الدِّفاع عنه: الدِّفاع عن سنته، وإظهار أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- التي شوَّهها الغرب، والتعريف بهديه والحث على تطبيقه بنشر الكتب في ذلك، وأولى النَّاس تطبيقاً لهديه -صلى الله عليه وسلم-، والمسارعة لسنَّتِه هم أهل دينه، فإنَّ من يردّ عن عِرض النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله ينبغي أن يكون من أحرص الناس على الامتثال لأوامر النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهديه، وتطبيق سُنَنِه بفعله أيضاً، فيحيي سُنَّة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في نفسه، وفي مجتمعه، وبين أهله وأولاده، وطلابه، وإخوانه.

والسبب الثاني: هو ما يشهده واقعنا اليوم من التفريط في سُنَّة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وامتثالها، بِحُجة أنها مما يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، ولو تتبعت -أخي القارئ- سُنَّة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لَمَا وجدت فيها أنَّ الصحابة -في غالب أمرهم- يُفرِّقُون في الأوامر بين الواجبات، والمستحبات من حيث السؤال والتطبيق، بل هم أحرص الناس على الخير، وأشدهم أسفاً لفواته ولو كان نافلة، بينما في واقعنا تجد من يعرف فضائل عديدة، وعظيمة في سُنَن كثيرة عَلِمَها ولم يعمل بها، ولو لمرَّة واحدة، ولربما رأيت من تظهر عليه مظاهر الصَّلاح والاستقامة، وحُبُّ الخير، ويُرى

<<  <   >  >>