للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفرِّطاً في كثير من السُّنن بل جُلِّها!! فلا تجد سُنَّة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ظاهرة عليه في سَمْتِه، وأخلاقه، وتعامله، وعبادته، بل ربما كان هذا شأن بعض مَنْ طَلَبَ العلم وحَرِصَ عليه، ثم تراه متراجعاً في عمله وحرصه على السُّنَّة، مع معرفته بكثير من المسائل العلميَّة، والسُّنَن النبويَّة، ولئن كان السلف يعرِّفون العلم: بالخشية التي تورث زيادةً في الطاعات، والعبادات، والحرص عليها، فما مدى تأثير عِلْمِنا، ومعرفتنا بالخلاف، وأدلة كثير من المسائل، في تطبيق كثير من السُّنَن، والعبادات؟

قال أحدهم لآخر يستكثر من العلم و لا يعمل: «يا هذا إذا أفنيتَ عمرك في جمع السلاح فمتى تقاتل؟!».

ولقد كان السَّلَف -رحمهم الله- يذمُّون من يعلم ولا يعمل، وكذا من يجمع العلم بلا عمل، ولمَّا بكَّر أصحاب الحديث مرَّةً على الأوزاعي التفت إليهم، فقال: «كم من حريصٍ، جامعٍ، جاشعٍ ليس بمنتفعٍ، ولا نافعٍ»، ولمَّا رأى الخطيب البغدادي -رحمه الله- كثرة من يهتم برواية الحديث، وحفظه، مع قِلَّة العمل، ألَّف رسالة قيِّمة، عنوانها: [اقتضاء العلم العمل].

فما تقدَّم هو حال كثير منَّا، ولا أنكر أنَّ هناك نماذج مشرقة في واقعنا، لكن مظاهر التفريط بالسُّنَّة كثيرة، وتأمل -أخي المبارك- ما سيأتي من بعض النَّماذج للرَّعيل الأول -الذين اقتربوا من سُنَّة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حِسَّاً وعملاً- ومن تبعهم من السَّلَف -رحمهم الله جميعاً-، وهي كثيرة في هذا الباب، ولكن ذكرت في التمهيد بعضها؛ لعل فيها ما يستنهض هِمَّتي وهِمَّتك؛ لتطبيق السُّنَّة.

<<  <   >  >>