ودكوها، وذلك من جهة الشمال والغرب، ثم علوا عليها وناوشوها الطعن والضرب، وفوض أمر الحصار لأمير من أمرائه الكبار، يدعى جهان شاه، فتكفل بذلك وعاناه، ونصب عليه المجانيق، ونقب تحتها وعلقها والتعاليق، وكان فيها من المقاتلة، فئة غير طائلة، أمثلهم شهاب الدين الزردكاش الدمشقي وشهاب الدين أحمد الزردكاش الحلبي، فأبليا في إهلاك عسكره بلاء حسنا، وكان على جيشه كلما فاء إلى فنائهم وباء مصيبة وفنا، فأهلكا من جيشه بالإحراق، وإرعاد المدافع والإبراق، ما فات العد، وتبدد على دائرة الحد ولكنه لما أحاط بها من بحار بحريته سيل عرم سائلها، وأمطر عليها من سهام غمام رماته وصواعق بوارق كماته صيب وابلها، أتاها العذاب من فوقها ومن تحتها وعن أيمانها وعن شمائلها، وكلت عن المجاذبة والمنابذة أيدي مقاتلتها
فطلبوا الأمان، ونزلوا إليه من غير توان، وكل هذا الأمر المهول والقضاء العجب، في أواخر شهر ربيع الآخر وجمادين وشهر رجب، لكن ما نال من القلعة روماً، إلا بعد محاصرتها ثلاثة وأربعين يوماً،