للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هضابها معمار القدرة، ومهندس بنيان قبابها نجار الفطرة، ليست بالعالية الشاهقة، ولا بالقصيرة اللاصقة، غير أنها في مناعتها وحصانتها فائقة من إحدى جهاتها نهر الفرات يقبل أقدامها، ومن الجهة الأخرى واد متسع يحفظ أعلامها، لا يمكن للأقدام فيها الثبات، وهو مسيل ماء يصب في نهر الفرات ومن الجهتين الأخريين هضاب، يتلو لسان البصيرة عند وقوع البصر عليها " إن هذا لشيء عجاب " فأخذها من غير كلفة، وولج حرمها من غير طواف بها ولا وقفة، وذلك بعد أن قدم محمد سلطان عليه، ووكل أمر حصارها وقتالها إليه وسبب ذلك أن الوادي الذي وراءها، كان يرد بالخيبة لوعورته من منه جاءها، لكونه مزلة الأقدام، واسع الأفعام بعيد مهوى المرام، لا يثلب لسان السهم له عرض، ولا يثبت له تحت قدم غواص البصر قرار أرض، فبمجرد ما وقع نظره عليها، نظر بعين الفراسة إليها، ثم أمر بقطع الأخشاب، ونقل الأحطاب، فلم يكن إلا كلمح البصر، حتى هدموا البيوت وقطعوا الشجر، ونقلوا جميع ذلك الخشب والأعواد، وطرحوها في قعر ذلك الواد، فساووا

<<  <   >  >>