كالي بولي واستنبول، إذ ليس لهذين البحرين بين هذين البرين، طريق قريب ومعبر سوى هذين الثغرين، فإن بحر إسكندرية، يأخذ على أنطالية، وعلاية ثم يروم، إلى بلاد الروم، فتحصره الجبال، قبل وصوله بلاد الشمال، فلا يزال في خصره يدق، وشفتا جانبيه ترق، حتى تتراءى حافتاه، ويكاد تنطبق شفتاه ومسيرة هذا الانضمام، نحو من ثلاثة أيام، ثم يأخذ في المد والانبساط، والجريان على وجه النشاط، ثم تدور كتائب أمواجه وتتكردس، وتأخذ نحو بلاد الدشت والكرج حتى يصل كما ذكر إلى بلاد الجركس وما أمكن أحداً من سواحر الحكمة ومهندسي النوافث أن يعزز هذين المعبرين في مدى هذا الانضمام بثالث، فثغر كالي بولي بيد ملاحي المسلمين، وثغر استنبول بيد النصارى أعداء الدين، وهو أعظم الثغرين، وأجسم المعبرين، وكانت النصارى ملاحيه، فصار غالب الناس يقصده وينتحيه، فاستطارت الفرنج فرحاً واستطالت وخاضت في دماء المسلمين وحريمهم وأموالهم وجالت فإن ابن عثمان كان بالحصار قد أنهكها، وأباد قراها وضواحيها وأهلكها، وضيق