على أهلها في مجاري أرواحهم مسلكها، فبينما هم وقد بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطبا، وأنشب كل شر فيهم حده، وإذا بتيمور جاءهم بالفرج بعد الشدة، فاندفع عنهم بالضرورة ابن عثمان، وحصل لهم بذلك الفرج والأمان، وزاد ذلك بأن احتاج المسلمون إليهم، وتراموا في طلب الخلاص من العدو عليهم، فبعد أن زالت عنهم الغصص، اغتنموا في درك الثارات من المسلمين الفرص، فجعلوا يوسفون المراكب من الناس والحمول، ويتوجهون بذلك إلى صوب إلى استنبول وإن استنبول وراء ذروة جبل، ومنحرفة خلف قلة من القلل، وهي من أكبر مدن الدنيا، حتى قيل أنها قسطنطينية الكبرى، فكانوا إذا عطفوا وراء تلك الذروة بالمراكب، واستتروا بالهضبة الناتئة عن عين من هو في هذا الجانب، يصيرون كالأموات النازلين إلى الحفائر، الملقين في قعر اللحود والمقابر، لا يدري إلى أين يتوجهون، وإلى ماذا يصيرون، إلى بر السلامة والإسلام، أم إلى دار الحرب وأسر الكفرة الطغام، فيذهب منهم الذاهبون " فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون " فإذا جاءت المراكب