كالرميم " وأصبحت مشارق الأرض ومغاربها من الثلوج المنقضة، كأنها بر عرصات القيامة أو بحر صاغه الله من الفضة، فكانت إذا بزغت الصقعاء ولمع الصقيع تراءى شيء عجب، سماء من فيروزج وأرض من بلور ما بينها شذور الذهب، فإن هبت فيما بين ذلك والعياذ بالله نسمة ريح، على نسمة ذي روح، أخمدت نفسه، وجمدته وفرسه، وكذلك الجمل والجمال، حتى أتت على مرق وانتهى الشأن إلى أن طابت النار وردا، وصارت لواردها سلاماً وبردا، وأما الشمس فإنها ارتجفت، وجمدت عينها من البرد ونشفت، وصارت كما قيل
يوم تود الشمس من برده ... لو جرت النار إلى قرصها
فكان الرجل إذا تنفس جمدت أنفاسه على سباله ولحيته، فيصير كأنه فرعون وقد رصع لحيته بحليته، وإن لفظ من فيه لفظة نخامة عاقدة، لا تصل إلى الأرض مع ما فيها من الحرارة إلا وهي بندقة جامدة، فانكشف ستر الحياة عنهم، وأنشد لسان حال كل منهم