الشتاء بحراجف عواصفه، وبث فيهم حواصب قواصفه، وأقام عليهم نائحات صراصره، وحكم فيهم زعازع صنابره، وحل بناديه، وطفق يناديه مهلاً يا مشوم، ورويداً أيها الظلوم الغشوم فإلى متى تحرق القلوب بنارك، وتلهب الأكباد بأوامك وأوارك، فإن كنت أحد نفسي جهنم فإني ثاني النفسين، ونحن شيخان اقترنا في استئصال البلاد والعباد فأنحس بقران النحسين، وإن كنت بردت النفوس وبردت الأنفاس فنفحات زمهريري منك أبرد، أو كان في جرائدك من جرد المسلمين بالعذاب فأصماهم وأصمهم، ففي أيامي بعون الله ما هو أصم وأجرد، فوالله لا حابيتك، فخذ ما آتيتك، ووالله لا يحميك يا شيخ من برد ريب المنون، لواعج جمر مجمرة ولا واهج لهيب في كانون
ثم كال عليه من حواصل الثلوج ما يقطع الحديد ويفك الزرد، وأنزل عليه وعلى عساكره من سماء الزمهرير من جبال فيها من برد، وأرسل عقيبها زوابع سوافيه فحشتها في آذانهم ومآقيهم، ودستها في خياشيمهم فاستقبلت بها نزع أرواحهم إلى تراقيهم، وجعلت تلك الريح العقيم " ما تذر من شيء، أتت عليه إلا جعلته