واقترح عليه فيه بأمور يسهل عندها قطع الجبال ونقل الصخور، ويعذب عند أدناها شرب البحور، من أقلها أن يهيئ له بمفرده، إقامة ليوم قدمه دون غده، خضيماً يأكله ليله، وقضيماً يطعمه خيله، ومن عرض ذلك مائة " ألف " حمل جمل طحيناً خاصه، وهو مخصوص به لليلة واحدة خاصة، وأنه مع عساكره الجرارة، لا يبيت سوى ليلة واحدة بأشباره، إلى غير ذلك فلما اطلع الله داد على هذا الكتاب، وفهم ما تضمنه فحوى هذا الخطاب، علم أنه قد حل به العذاب، فسلب وعيه، وبذل سعيه، وأخذ في إعداد الطحين، واجتهد في إدارة الطواحين، وكانت الطواحين أوقف من حال أديب، في هذا الزمن العجيب، ومجاري مياهها أيبس من كف شحيح، كلف زمن القحط تذرية الدقيق في الريح، ودماء الأنهار في مجاري عروق الجبال ناضبة، ودموع العيون في آماق الغروب غاربة فبذل ما كان أعده لكل نائبة وشدة، وأهان نفائس الأموال واستعان على إجراء الماء بالمال، واستغاث بأولي النجدة من الرجال، واستمد المدد، من كل عد وثمد، واستنهض آراء المشفقين من الأصحاب،