واستدفع بهم ما نزل به من مخلب للبلاءات وناب، وقرع لفتح ما ارتج عليه مما لا طاقة له به كل باب فاستجابوا دعاءه، وأجابوا صداه ونداءه، وتأوهوا لمضضه، واستطبوا لمرضه، وجمعوا من العملة والفعلة الأسود والسراحين فعملوا في سوق الأنهار من الأعمال ما يدير الطواحين، وجعلوا يعاندون البرد، ويقطعون في طريق الماء الجمد، فكانوا كالضارب في حديد بارد، والمكابد بتزويق وعظه تليين قلب الجاحد، حتى سهلت حزونه، ورق لمكابدتهم فدمعت عيونه وصاروا لا يقطعون من الجليد، مقدار ذراع بالحديد، إلا وتهب نسمة يابسة، على تلك الوجوه العابسة، فإذا هب بارد النسيم، قابله الماء بوجه بسيم، فيبرد قلبه عن نارهم، ويصرد لبه عن أوارهم، فيجمد ما فوق ذلك، فتضيق عليهم المسالك، فيرجعون القهقرى، ويمشون كالحبال إلى ورا، والله داد مع ذلك يبذل الأموال، وينادي مستغيثاً يا للماء يا للرجال قلت