للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من سوء حظه، وحسن حظ خصمه- أنه وافاه أجله قبل الوصول إليها، فاضطر جيشه إلى الرجوع إلى تونس (١٠)، فتنفس أبو العباس (العاقل) الصعداء، وراح ينعم بشيء من الاستقرار، لكن هذا الاستقرار لم يدم طويلا، إذ سرعان ما فوجئ بعصيان أخيه (أبي يحيى) وإعلان الثورة عليه، تسانده بعض القبائل التي سئمت حكم السلطان، فهرع إلى تلمسان مع أنصاره، وحاصرها مدة، وحينما استعصمت عليه اتجه إلى وهران، فاحتلها سنة (٨٤٠ هـ) (١١) (١٤٣٧ م) - بغير قتال، وحاول السلطان- مرارا مطاردته، إلا أن النجاح لم يحالفه في البداية، لصمود أخيه، واستماتة أنصاره، وانشغال السلطان بمقاومة ثورة أخرى شنها عليه أبو زيان محمد (المستعين بالله) الذي زودته حكومة تونس بالجند والعتاد، وتمكن من السيطرة على كثير من الولايات، واتخذ مدينة الجزائر مركزا لإنشاء دولته، وكاد أن يستفحل أمره، لو لم يقض عليه أبو يحيى (صاحب وهران) واستولى على ما كان بيده، وأحس أبو العباس (العاقل) -أكثر من ذي قبل- بالخطر الذي يهدد ملكه، وصمم العزم على القضاء على أخيه (أبي يحيى) قبل أن يقضى عليه، فاحتدمت بينهما حروب منهكة، إلى أن رجحت كفة أبي العباس في النهاية، بالانتصار على أخيه، واستيعادته جميع الولايات إلى حظيرة مملكته،


(١٠) تاريخ الجزائر العام ج- ٢ - ص: ١٩١.
(١١) نفس المصدر.