للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة (٨٦٨ هـ ١٤٦٣ م) (١٥) فقام الجيش الحفصي بحملة تأديبية، واسعة النطاق، أخضع لسلطته كثيرا من الجهات، ثم يمم العاصمة (تلمسان) فأحاط بها إحاطة السوار بالمعصم، فما كان من أبي ثابت إلا الاستسلام، وإهداء بنته لأحد الأمراء الحفصيين كعربون على إخلاصه، وكتابة البيعة -للسلطان الحفصي- بيده، جاء فيها: "شهد على نفسه عبد الله المتوكل عليه، محمد لطف الله به، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأعطى بنته بكرا للمولى أبي زكرياء يحيى بن المولى المسعود دون خطبة ... (١٦) ".

هكذا كانت عجلة الأحداث تسير في الجزائر خلال هذه الحقبة، عراك وفتن داخلية، وثورات مضنية متتالية، والتطاحن على الملك والرئاسة -أصبح شيئًا مألوفا- بين الإخوة تارة، وبين الملوك المتجاورين تارة أخرى، والإسبان يخططون في خفاء، لاحتلال القواعد والثغور الإسلامية، والمراكز الاستراتيجية على البحرين: المتوسط والأطلسي، حتى لا تقع النجدة لمسلمي الأندلس، الذين كانوا يعيشون محنتهم الأخيرة، فاحتل الإسبان (فعلا) مدينة بونة (عنابة (١٧)) تمهيدا للسطو على المراكز الأخرى، والبرتغاليون -بدورهم- اشرأبت أعناقهم لأخذ حقهم في الغنيمة، فأخذوا


(١٥) نفس المصدر ص ١٩٥.
(١٦) نفس المصدر ص ١٩٥.
(١٧) عنابة مدينة تقع في أقصى الطرق الشرقي للجزائر على بعد ١٠٠ كيلو متر من حدود تونس مع الجزائر، وتبدل اسمها عدة مرات من (هبو) و (هبونة) و (زاوة) و (بونة) إلى اسمها الحالي عنابة. انظر مجلة العربي ع ١٧٨ ص: ٨٣.