للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستعدون للاستيلاء على ميناء وهران- للمرة الثانية- دون أن يحرك حكام الجزائر- آنئذ- ساكنا للدفاع عن ثغورهم التي صارت تتساقط في يد العدو تباعا، ولا التفتوا إلى تضرعات أهل الأندلس، واستغاثاتهم المتكررة، وربما انتقد أبو العباس الونشريسي- وقد عرف بصراحته وتصلبه في الحق، وغيرته على الإسلام- موقف أبي ثابت السلبي إزاء نداءات الأندلس، وسياسته الفاشلة لعدم تبصره بتصريف الأمور بتعقل وحكمة، فلو عامل السلطان الحفصي بدهاء وحنكة، لما لحقته تلك الهزيمة والإهانة، بل ولاستماله إلى التعاون معه على محاربة العدو الأكبر، الذي كان يعيث فسادا في الأندلس المسلمة، ويستعمل كل الوسائل البشعة لاستئصال أهلها وقلع جذور الإسلام منها، وهاهو ذا بلغت به الجرأة إلى اقتحامه الشواطيء الجزائرية وغيرها- تحديا واستكبارا، وربما غضب الونشريسي لذلك، واستنكر على السلطان مواقفه المزرية جهارا، فحملته أنفة الملوك على طرد صاحبنا من تلمسان، وانتهاب داره.

كما يحتمل أن الونشريسي أتهم بالتحريض على مشايعة الملك الحفصي، ومبايعته له، أو على الأقل كان من ضمن الذين رحبوا به أثناء قيامه بحملة تأديبية، معلقين عليه آمالهم أن يعمل على طرد العدو من شواطئهم بعد أن يئسوا وتيقنوا من عجز أبي ثابت وسلبيته إزاء الأندلس، وتوفير الأمن الداخلي، والذود عن حوزة الوطن ...

ومن الغريب أن كتب التراجم تمر بهذا الحادث مر الكرام دون أن تذكر أي سبب أو تعليل، بل وحتى إسم السلطان، الذي