للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي سود صحيفة بني مرين بتسليمه دواليب الحكم لليهوديين (هرون، وشاويل) اللذين تعسفا في حكمهما وصبا مختلف ألوان العذاب على الأبرياء بدون شفقة ولا رحمة، فهاج الشعب واستشاط غضبا، ولم يهدأ له بال حتى قتل عبد الحق وبيادقه سنة (٨٦٩ هـ- ١٤٦٤ م (٢٢)) وبمصرعه انتهى حكم بني مرين نهائيا، بعد أن استمر زهاء مائتي عام.

فبويع أبو عبد الله الحفيد محمد بن علي الإدريسي الجوطي، إلا أن تصرفاته أثبتت عدم صلاحيته لهذا الأمر الجسيم، لكون البلاد لم تزد في عهده إلا تدهورا وانحطاطا، فعزل سنة (٨٧٥ هـ- ١٤٧٠ م (٢٣)) وفي عهده حط الرحيل صاحبنا بفاس، فما كان عليه إلا أن يشارك أهل الحل والعقد حماسهم في تنحية الحفيد.

والواقع أن المغرب أصبح -منذ انفلات الزمام من يد قادته المتبصرين- عرضة لنهب الناهبين، وطعمة سائغة للطامعين، فابن الأحمر استولى على ثغور بني مرين بالأندلس، واحتضنها لتسلم إلى الإسبان -بعد حين- والبرتغال دفعتهم مطامعهم التوسعية إلى احتلال أهم شواطيء المغرب على المحيط الأطلسي، بعد أن استولوا على المراكز الاستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط، فاحتلوا سبتة سنة


(٢٢) الاستقصا ج ٤ ص: ٩٩ - ١٠٠، طبع دار الكتاب، الدار البيضاء سنة ١٩٥٥.
(٢٣) نفس المرجع ج ٤ ص: ١١٤ - ١١٥.