للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاس وتلمسان بنشاط ملحوظ في بعض مجالات الفكر، وعرفتا انتعاشا رائعا في الإقبال على التعليم والتعلم، ولا سيما في عهد أبي العباس (المعتصم) (٨٣٤ - ٨٦٦ هـ)، وأبي ثابت (٨٦٦ - ٨٩٠ هـ) - بالجزائز وأبي عبد الله محمد الشيخ الوطاسي (٨٧٦ - ٩١٠ هـ) - بالمغرب، فكلهم كانوا محبين للعلم، مشجعين لأهله بمختلف الوسائل (٧٩)، وخاصية منهم محمد الشيخ الذي بذل ما في وسعه لاكتساب رضي العلماء بتقريبهم إليه، بوصفهم أهل الحل والعقد في الأمة، وكرد الجميل لهم على مبايعتهم إياه- حاول توفير الجو الملائم لهم في أداء رسالتهم التعليمية والتوجيهية، فعين أبرزهم في الكراسي العلمية المشهورة، وكان هذا المنصب يوازي الوزارة في الأهمية.

وممن حظي بهذه الحظوة أبو العباس أحمد الونشريسي، الذي أسند إليه الكرسي المخصص لتدريس المدونة بالمدرسة المصباحية (٨٠)، فكان نبراسا يحتذى في التبليغ والفصاحة والاستحضار واستفاد منه العامة والخاصة، وعندما توفي خلفه نجله عبد الواحد، ثم صار الكرسي إلى الشيخ الحميدي.

كما اهتم السلطان (محمد الشيخ) بالخطباء والأئمة، وممن عينهم في أداء هذه المهمة، الإمام أبو عبد الله محمد بن غازي (٨١)، الذي قيل أنه استدعاه (٨٢) من مكناس إلى فاس سنة


(٧٩) انظر الاستقصا -ج- ٤ - ص: ١٢٤، وتاريخ الجزائر العام ج- ٢ ص: ١٠٠ - ١٠١.
(٨٠) انظر فهرس المنجور ص: ٥٣.
(٨١) ستأتي ترجمته.
(٨٢) الاستقصا ج ٤ - ص: ١٢٤.