للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي كان بالأمس القريب وطنا لكثير من أهل تلمسان، كما يحتمل أن قلة الزاد، وعدم ميله للمغامرة، كان لهما دورهما في اختيار المغرب، وكونه فضل فاسا علي عيرها، يحتمل لوجود بعض أهل ونشريس بها، ومعرفته السابقة لكثير من علمائها، وتبادله معهم المكاتبات، وبعض المراسلات والاستفتاءات، فحفزه ذلك إلي اختيار فاس ليأنس بهم، وينسوه عربته، وطبعا لم يخش آية مضايقة لأنه كان مؤمنا بمقدرته العلمية، ومهارته الفائقة في المذهب المالكي أصوله وفروعه، ولم يكن من ذلك النوع الذي يتسابق علي الشهرة، وجمع حطام الدنيا عن طريق الإفتاء حتى يقصد مدينة أخرى.

ومهما يكن فإنه كان يعرف -مسبقا- أن الحالة في فاس مضطربة، وأن الحياة فيها ليست هادئة، والدليل علي ذلك ما أنشده أثناء سيره إليها من تلمسان:

لبلدة فاس حرك السير واسرعا (٦٨) ... وأرض تلمسان أرفضن أيما رفض

علي أنه لا يرتضي الكل منهما ... ولكن (بعضن الشر أهون من بعض) (٦٩)

ومنها: ورعه وتدينه المتين، (٧٠) وميله إلي الحياة البسيطة، والزهد في ملذات الدنيا، فقد عاش في دويرة صغيرة


(٦٨) حذف همزة القطع لضرورة الوزن.
(٦٩) كذا وجد هذان البيتان - في كناشة خاصة- منسوبين للإمام أبي العباس الونشريسي، وهما أقرب إلي روحه، وعليهما طابع فقيه.
(٧٠) انظر شجرة النور ص: ٢٧٤.