الإسلامية موجودين هناك، ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة كانا يلتقيان بالجيوش ويجلسان عندهم بكل حرية بزعم المشاركة في الجهاد، ويؤلبانهم على عثمان (ض)، فأدى ذلك إلى أن تحولت مصر إلى مركز للثوار ومعارضي السلطة والخارجين على الخليفة، وكان والي مصر حينذاك هو عبد الله بن أبي سرح، فبدأ محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة بحركة معادية لعبد لله بن أبي سرح وعثمان بن عفان (ض)، وهكذا تزعما حزبا سياسيا جديدا في مصر، وعظم ذلك كان مسندا إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحو ألف راكب من كل من الكوفة والبصرة ومصر، يذهبون إلى المدينة بصفة حجاج، ليشغبوا على عثمان (ض)، فساروا إليها وأقاموا قرب المدينة، فلما اقتربوا من المدينة، أمر عثمان (ض) علي بن أبي طالب (ض) أن يخرج إليهم ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة، فانطلق علي بن أبي طالب إليهم وهم بالجحفة، وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره، فردهم وأنبهم وشتمهم، فرجعوا على أنفسهم بالملامة، ورجع كل فريق منهم إلى قومهم، وأظهروا للناس أنهم راجعون إلى بلدانهم، وساروا أياما راجعين، ثم كروا عائدين إلى المدينة، فما كان غير قليل حتى سمع أهل المدينة التكبير وإذا القوم قد زحفوا على المدينة وأحاطوا بها، وذهب الصحابة إلى هؤلاء يؤنبونهم حتى قال علي لأهل مصر: ما ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ فقالوا: لما رجعنا إلى بلادنا وجدنا في الطريق شخصا فإذا معه في إداوة كتاب على لسان عثمان فيه الأمر بقتل طائفة منهم، وبصلب آخرين، وبقطع أيدي آخرين منهم وأرجلهم، وكان على الكتاب طابع بخاتم عثمان.
هذا وظنوا أن الكتاب كتبه مروان بن الحكم بيده، فحاصروا بيت عثمان (ض) واشترطوا عليه شرطين: إما أن يسلم إليهم مروان بن الحكم أو يعتزل عن الخلافة، فرفض عثمان (ض) هذين الشرطين.
واستدعت عائشة (ض) أخاها محمد بن أبي بكر، وطلبت منه أن يمتنع من هذا لكنه رفض، حتى حان موعد الحج، فخرجت إلى الحج وأرادت أن تأخذ معها أخاها محمدا لكنه رفض.